وَاشْرَبْ عَلَى أَخْضَرِ الوِدْيَانِ صَافِيَةً ...
مِنْ أَخْضَرِ الشَّايِ فِيهَا شَحْذُ أَذْهَاني.
عَلَيْهِ مِنْ وَرَقِِ النِّعناعِ طَائِفَةٌ ...
مِنْ حَائِطِ الحَوْشِ لا مِنْ حَائِطٍ ثَانِ.
عَلَيْكَ بالفَلةِ السَّوْدَاءِ ذَابِلَةٍ ...
مِثْلَ القََرَنْفُلِ فِي أَحْدَاجِ غِزْلَان
وَلَا تُبَاشَرُ إِلا وَهْيَ سَاخِنَةٌ ...
كَأْسَاتُهُ لَيْسَ هَادِيْ الشَّايِ كَالآنِي.
فَالشَّايُ يُنْعِشُ مَا دَامَتْ حَرَارَتُهُ ...
فِيهِ وبارِدُهُ مَاءٌ بِكِيزانِ
واشْرَبْ إِذَا مَا أَرْدَتَ الشَّعْرَ طِيبَةً ...
أَعْرَاقُهُ مِثْلُ طِيبِ المِسْكِ والْبَانِ
كَأْسًا مِنْ الشَّايِ حَمْرَاءَ المِزَاجِ لَهَا ...
فِي النَّفْسِ سَطْوٌ وَفِي أَعْماقِ وِجَدَانِي.
تَمَدُّ مَنْ أَحْكَمَتْ فِي الشَّعْرِ صَنْعَتَُُهُ ...
بِِطََاقَةٍ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ إِحْسَانِ
تَُزِرِي بِشَمْسِ أَبِي نُوَاسَ إِنْ طَلَعْتْ ...
ليلاً وَطِيْفَ بِهَا فِي دِيْرِ رُهْبَانِ
لَاسِيَّمَا إِنْ جَرَى مَاءُ الغَمَامِ بِهَا ...
كَمَا جَرَى زَمْزَمٌ فِي قَََلْْبِ ظَمْآنِ.
تََهُِشُّ نَفْسِي إِذَا مَا الشَّايُ قَدْ مَلَأَتْ ...
أَكْوَابُهُ فِي صَبَاحٍ أَخْضَرٍ حَانِ
إِذَا تلألأ فِي الإِبْرِيقِ عابقةٌ ...
أنسامُهُ طأطأتْ لِلرَّأْسِ أَحْزَاني.
فَكَيْفَ لَوْ بَرَزَتْ فِي البرِّ مُقْمِرَةٌ ...
فِيهِ اللَّيَالِيْ وَصَبَّ الشَّايَ إِخْوَانَي.
وهِبَتْ الرِّيحُ فِي خَبَتٍ يمانيةٌ ...
مِنْ الأَحِبَّةِ فِيهَا طِيْبُُ أَرَدَأْنِ
هُنَاكَ تَفَْتَّرُ أَجْوَاءُ الفَلاةِ لِنَا ...
ثَغْراً وَتُورِق بعدَ اليَبْسِ أَغْصَاني.
إِنَّ التَّبَسُّمَ فِي وَجْهِ الظلَّامِ إِذَا ...
طَغَى الظلَّامُ مَلَاذُ الكَوْكَبِ الداني.
يجيئُ دَهْرِي بِمَا لَا أَشْتَهِيهِ فَمَا ...
يُفِيدُنِي غَيْرَ إِقْبَالِي عَلَى شَأْنِي.
وَمَا بِوُسْعِي سِوَى دَمْعٍ أَجْوَدُ بِهِ ...
إِنْ كَانَ لِي أَدْمَعٌ تَجْرِي بِأَجْفَانِي.
يَلُومُنِي صَاحِبِي أَنَّي سَكَتُّ وَلَمْ ...
أَهْتَفْ كَمَا كُنْتُ فِي أَبْنَاءِِ قَحْطَانِ
وَمَا دَرَى صَاحِبِي أَنَّي سَكَتُّ وَقْد ...
بَحَّتْ مِنَ الصَّوْتِ أَوْتَارِي وَأَلْحَانِي.
حَتَّى تَضَاحَكَ مِنَى مَنْ رَكَنَتُ لَهُ ...
أَنْ سَوْفَ يَدْفَعُ عَنِّي بَعْضَ عُدْوَان
وَمَا الشَّمَاتَةُ بِالأَصْحَابِ لِي خُلُْقٌ ...
لَكِنْ تَبَيَّنَ لِي عَجْزِي وَنُقْصَانِي
الجعمي