الجمعة، 19 فبراير 2016

قصيدة عشرون ..للشاعر جواد يونس أبوهليل

عشرون
عَقْدانِ مَرّا وَجَمْرُ الْبُؤْسِ في كَبِدي *** وَما كَمِثْلي امْرُؤٌ قَدْ عاشَ في كَبَدِ
عِشْرونَ عَجْفاءَ مَرَّتْ دونَما فَرَحٍ *** فيها رَأَيْتُ صُنوفَ الْغَمِّ وَالنَّكَدِ
عِشْرونَ مَرَّتْ وَسَوْطُ الْهَمِّ يَجْلِدُني *** وَشَغْفُ قَلْبي مِنَ الْأَحْزانِ كَالْخُدَدِ
عِشْرونَ وَابْني بِبَطْنِ الْحوتِ مَسْكَنُهُ *** وَكَمْ صَرَخْتُ وَلَمْ أُسْمِعْهُ: يا وَلَدي!
وَكَمْ تَمَنَّيْتُ أَنْ أَحْظى بِفَرْحَتِهِ *** فَما حَظيتُ بِغَيْرِ الْهَمِّ وَالْكَمَدِ
أَبْكي فَيَضْحَكُ مِنّي ساخِرًا فَلَهُ *** في الْعَيْشِ فَلْسَفَةٌ لَيْسَتْ لِذي الرَّشَدِ
كَأَنَّهُ قالَ لي: لا تَبْتَئِسْ أَبَدًا *** فَلا نَصيبَ بِذي الدُّنْيا لِمُجْتَهِدِ
ماذا أُريدُ مِنَ الدُّنْيا وَزينَتِها *** فَفي الْجِنانِ الَّذي ما دارَ في خَلَدِ
لا ذَنْبَ لي فَأَنا كَالطِّفْلِ في أَلَقي *** وَالْقَلْبُ أَبْيَضُ مِثْلَ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ
عِشْرونَ كَأْسًا مِنَ الْمُهْلِ الَّذي اجْتَرَعَتْ *** نَفْسٌ تَمورُ بِرُغْمِ الصَّبْرِ وَالْجَلَدِ
وَكُلَّما قُلْتُ لاحَ الْفَجْرُ مُبْتَسِمًا *** رَأَيْتُ حَبْلًا بِجيدِ الْحُلْمِ مِنْ مَسَدِ
قَدْ طالَ لَيْلي وَجَفْني لا يُسَهِّدُهُ *** عِشْقٌ وَلكِنْ لَهيبُ النّارِ في كَبِدي
آمَنْتُ بِاللهِ إِذْ حالي يُصَدِّقُهُ *** في قَوْلِهِ (خُلِقَ الْإِنْسانُ في كَبَدِ)
وَما دَعَوْتُ سِوى الرَّحْمنِ مِنْ أَحَدٍ *** وَما لَجَأْتُ لِغَيْرِ الْواحِدِ الْأَحَدِ
وَما اسْتَغَثْتُ بِغَيْرِ اللهِ في مِحَني *** وَما اسْتَعَنْتُ بِغَيْرِ الْقادِرِ الصَّمَدِ
مَوْلايَ أَنْتَ الَّذي الْمُضْطَرُّ تُنْجِدُهُ *** ما لي سِواكَ بُجُبِّ الْهَمِّ مِنْ مَدَدِ
أَجِبْ دُعاءَ أَبٍ جَلْدٍ غَدا حَرَضًا *** وَما لَهُ غَيْرُ عَوْنٍ مِنْكَ مِنْ سَنَدِ
فَرِّجْ إِلهي هُمومًا كَمْ تُؤَرِّقُهُ *** كَمْ باتَ يَبْكي وَنامَتْ سائِرُ الْبَلَدِ
إِنْ قُلْتَ (كُنْ) كانَ ما قَدْ شِئْتَ دونَ عَنا *** يا مَنْ رَفَعْتَ سَماواتٍ بِلا عَمَدِ
مَسَّ ابْنِيَ الضُّرُّ يا رَحْمنُ فَاشْفِ فَتىً *** أَسْقامُهُ عَصَفَتْ بِالرّوحِ وَالْجَسَدِ
الظهران، 18.2.2016 جواد يونس

هناك تعليق واحد: