هذيان شاعرة في مساء خريفي
هذي الحزينة ما بها يكفيها
و سكوتها عن جرحها يفنيها
.
يا ليل من بين الضّلوع ألا انجل
و كفاك تنسف شمعة تطفيها
.
و كفى تقلّب بالمواقد جمرها
و اللهب يشوي و اللظى يضنيها
.
لو لمّحت بإشارة لجروحها
تبكي البلابل كلها ترثيها
.
و تبيت تغزل بالمغازل همّها
و تمشّط الأحزان إذ تأتيها
.
و تحيك قهرا للرّياض ستائرا
و تردّ شمسا إن أتت تحييها
.
يا ويح من شهد الدّموع بجفنها
و الملح يحرق خدّها يشويها
.
لا زال يركض في البوادي باحثا
عن عشبة برّية تشفيها
.
و لعلّ من رحم المواجع وصفة
و (بقل أعوذ) لعلّه يرقيها
.
يا نافخا في الكير أشفق مرة
هذي القذائف ربّما تنهيها
.
ها قد تهاوت مثل غصن متعب
و حمامة قد لوّحت تبكيها
.
أوكلما هبّ الخريف مدويّا
بالرّعد دسّت كفّها في فيها
.
و جرت إلى الدّولاب شمّت ثوبه
و تأوّهت.. ما للجوى يكويها ؟
.
ما ضرّ لو ترك الحبيب رسائلا
من قال عطر الورد لا يحويها
.
ما ضرّ لو ترك الغياب دفاترا
مكتوبة بالمسك قد تلهيها
.
أوكلّما هلّ الرّبيع تنهدت
هذي ورود كان لي يهديها
.
ما ضر لو تركت خطاها جرّبت
فلربما هذي الخطى تنسيها
.
رشيدة بوخشة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق