(موسى الشآم، وموسى بني إسرائيل)
****************
أَصاحَ البينُ.. واشتطّ المَزارُ؟ وغَام الدّربُ.. وانْتُزِفَ القَرارُ
وجافاك الأباعدُ والأدانِي فــلا عُـــــرْبٌ تَحِــنُّ ولا تَتَارُ
يصبّ الجارُ في أذنيه وقرًا فيَصْلِمها التضرّعُ والجُؤَارُ
فيَهذِي بالفِرَى ويغضُّ طرفًا كخفّاشٍ يراهِقُــــه النّـــهارُ
تَواثَبَ بالإدانة بعد شَجْبٍ كوَثْبِ الخِبِّ ســــاورَه الفِرارُ
أعيروني ثيابًا.. لم يُجيبوا.. فدثّرني الصقيـــــعُ أو الغُبَارُ
ترى الأمراءَ عُريًا في ثيابٍ فلا رَتَقَ الخِصافُ ولا الزِّرارُ
فليس الثوبَ أسمالٌ وطِمرٌ بل الثوبَ المحامدُ والنُّجَارُ
طرَقتُ أُناشِد اللؤماءَ قوتًا فدعّتني المـــوائدُ والدِّيارُ
وصدتني المدائنُ عن مداها ووحشًا أفغرت فاها القفارُ
عجبت!.. الجَفنُ يُغرقني دموعًا وضِلْعُ الصّدرِ يحرقها الأُوارُ
كأنّ الكون يَخْشَى نارَ غيظي فيحذرُ أن يوجِّجَه الشَّرَارُ
فيُهميك الثلـــــوجَ أو الرّزايا وتُدميكَ الظعائنُ والصغارُ.
فإمّا خُطّتا غَرقٍ وحرقٍ فبئس الغِبُّ.. أعذبُه مرارُ!!
وإمّا أن تتيه علي الصحاري وإمّا أن يُكَفِّنك الـــدّمــــارُ
فزعت لأهون الأمرين شرًّا على خَدّي تهاتنت الغِزار
مَخْرتُ بمركبي لُججَ الفيافي وبسم الله ترسو أو تُدارُ
وخُضْتُ بِمفَئدِي حُججَ القوافي تباكيني القصائدُ والقِصارُ
فنبض القلب كان لها شراعًا ودمع العـــــين تزجيها بحارُ
كموسى بعد مدين إذ سراها فـــــوافته النّبــــــوة واليَسارُ
وليس إلى النبوة كنت أسري وهل بعد النبيّ لها يُسَارُ؟!
فما بالي يئزّ البردُ حولي؟ وتغشانِي المساغبُ والفِقارُ؟
وناداه المليكُ: بظلّ طُورٍ وذابَ على ذُرا صوتي الطِّوارُ
ويخلــــع نعلِــــه للقاء ربٍّ ويخلع عزّتي خِبٌّ خُوَارُ
ويؤنسه على مرآه نورٌ ويَفلِقُ في مَرايايَ العِثارُ
وموسى وَاثَب الرجّافَ ضَربًا وجَوْزي فيه..رفقٌ واصطبارُ
فَشُقَّ الماءُ من حَوليه قَصرًا فكان عُبابَ لُجته الجِدارُ
فما بالي استحال البَحرُ رَمْسًا ومقبرتي الطّحالبُ والغَضَارُ
وكم بالبحر فرعونٍ وموسى كما فيـــــــه اللالئُ والمَحَارُ!!
على أنّ البلاءَ دليلُ صدقٍ أُعـِـــــزَّ به النبيّــــون الكــبارُ
بناتُ الدهر تَخْطِبُنا جميعًا وما يُرجَى نكاحٌ أو جِــــــوارُ
فتُرْغِمنَا السِّفاحَ بلا فِراقٍ وعُرسُ العُمْرِ كان لها مِهارُ
فمن يُصبِحْ بسَعْد يبكِ ليلًا ومن يسعد بليل فالبِكَارُ
ترى السُّوَّاسَ كالفِرقين صُفَّا فكافورٌ يُرى أو شَهريارُ
فما من بينهم صُلّاحَ دين ولا قُطُزٌ يكون ولا عِمَارُ
وأخلاقُ العباد على اختلافٍ .. زئيرٌ.. أو عواءٌ.. أو خُــــــوَارُ
فلا تُلقِ الرجاءَ على عبيدٍ سِيَانَ الخائنون ومن أجاروا
لنا ربٌ تسامى في جلال على رحماته تسري السّفارُ
**************************
د/ علي ربيع
http://njoomalarab.blogspot.com/2016/01/blog-post_56.html?m=1
ردحذف